وكالة الأنباء الليبية – واحدة من أبشع فصول الاستعمار الإيطالي لليبيا : اليوم 26 أكتوبر الذكرى الـ(114) للنفي الجماعي لآلاف الليبيين.

Compartilhar



طرابلس 26 أكتوبر 2025 م (وال) – يصادف اليوم – السادس والعشرون من شهر أكتوبر- الذكرى الـ114 لأحد أكثر الأيام إيلامًا في تاريخ ليبيا الحديث، حين أقدمت القوات الإيطالية الفاشستية في مثل هذا اليوم من عام 1911 على تنفيذ عملية نفي جماعي وحشية طالت أكثر من خمسة آلاف ليبي من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال، اقتُلِعوا من أرضهم وأُرسلوا قسرًا إلى الجزر الإيطالية النائية، في واحدة من أبشع فصول الاستعمار الأوروبي في إفريقيا.

ففي مثل هذا اليوم قبل أكثر من قرن من الزمن وبعد أسابيع قليلة من بدء الغزو الإيطالي لليبيا في أكتوبر 1911، كتبت البشرية أعتى وأقسى جريمة استعمارية تسجل في التاريخ الإنساني ترتكب ضد شعب رفض احتلال واغتصاب ارضه وواجه المحتلون بمقاومة باسلة من أبنائه على طول الساحل الليبي في مدن طرابلس والخمس ومصراتة ودرنة وبنغازي.

 وردًا على هذه المقاومة، لجأت القوات الإيطالية إلى أسلوب العقاب الجماعي، فجمعت الآلاف من الأهالي في الموانئ الليبية، وحشرتهم في مراكب متهالكة تفتقر لأبسط شروط السلامة، ليتم نقلهم إلى جزر تريميتي وبونزا وأوستيكا في عرض البحر المتوسط ، والتي كانت تُستخدم سابقًا كمنافي للمجرمين والمعارضين السياسيين في إيطاليا، لكنها تحوّلت بأوامر من الحكومة الفاشستية إلى معتقلات جماعية لليبيين، حيث عانوا من الجوع والعطش والبرد القارس، وانتشرت بينهم الأمراض والأوبئة مثل الملاريا والتيفوس، وسط غياب تام لأي رعاية صحية أو إنسانية. وقد توفي المئات منهم ودفنوا في مقابر مجهولة، لا تزال بعض رفاتهم تُكتشف حتى اليوم.

إن هذه الجريمة تندرج ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال الإيطالي بحق الشعب الليبي خلال الفترة الممتدة من 1911 إلى 1943، وهي الحقبة التي شهدت عمليات إعدام جماعي ونفي قسري وتجميع للقبائل في معسكرات اعتقال ضخمة، خاصة في برقة، أبرزها معسكرات العقيلة والبريقة والمقرون والبردي.

وبعد عقود من الصمت، قدّمت إيطاليا في 30 أغسطس 2008 اعتذارًا رسميًا للشعب الليبي، عندما زار رئيس الوزراء الإيطالي الراحل سيلفيو برلسكوني مدينة بنغازي ووقّع اتفاقية الصداقة والشراكة والتعاون، والتي تضمنت التزام إيطاليا بتعويض ليبيا عن الحقبة الاستعمارية بمبلغ خمسة مليارات دولار على مدى 25 عامًا، إضافة إلى تمويل مشاريع للبنية التحتية، من بينها طريق الساحل الليبي الذي بدأ العمل به فعليًا عام 2009.

غير أن تنفيذ الاتفاقية تعرّضت للتعثر بعد عام 2011 نتيجة التغيرات السياسية والأمنية التي شهدتها ليبيا، مما دفع السلطات الليبية المتعاقبة إلى مطالبة روما بالوفاء بالتزاماتها، وترجمة الاعتذار التاريخي إلى خطوات عملية تعيد شيئًا من العدالة التاريخية للشعب الليبي.

ويرى المحرر السياسي لوكالة الأنباء الليبية أن الاعتراف الإيطالي بجرائم الاحتلال يمثل خطوة رمزية مهمة في طريق العدالة التاريخية والمصالحة الدولية، لكنه يبقى ناقصًا ما لم يترافق مع التزامات حقيقية وتنفيذ فعلي لما تم الاتفاق عليه.

وشدد المحرر على أن المأساة الليبية يجب أن تكون عبرة لبقية القوى الاستعمارية السابقة لتتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية تجاه الشعوب التي استعمرتها ونهبت ثرواتها.

واختتم المحرر السياسي لـ (وال) تعقيبه بالقول إن يوم السادس والعشرين من أكتوبر سيظل يومًا أسود في الذاكرة الليبية، لكنه أيضًا يوم وفاء وتذكّر، يؤكد أن الشعوب وإن طال صبرها لا تنسى، وأن التاريخ لا يُمحى مهما حاول المستعمرون طمسه.

  (وال)



Source link

spot_img

Veja também

A viagem dos governadores provinciais ao Brasil: formação ou turismo institucional?

1. Contexto e a formação de governadores no Brasil Recentemente,...

Media : signature d’accord de partenariat entre l’ANP et l’agence russe Sputnik

Moscou, 26 octobre (ANP)- L’Agence Nigérienne de Presse...

Bande annonce Marie & Momo – Saison 1 – Episode 17

Votre avis sera publié et visible par des...

الاك : انطلاق ملتقى فني حول التقرير الأولي للمخطط الوطني للاستصلاح الترابي

أشرف الأمين العام لوزارة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي،...

Actualités – Portail du Gouvernement Tunisien

Série de mesures en faveur de la protection...
- Advertisement -spot_img